عاش أبو حنيفة الشطر الأكبر من حياته العلمية في ظل الدولة الأموية، كما عاش الشطر الآخر تحت كنف الدولة العباسية، وبذلك شهد ما كان من أحداث في كلٍّ من هذين العصرين .. لقد رأى النور في زمن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، ونشأ في ولاية الحجاج الثقفي على العراق، هذا الوالي الذي يعرفه التاريخ بالقسوة والشدة في معاملته للثائرين على سلطان سادته الأمويين، ثم عاصر وهو شابٌّ الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز.
وأخيرًا، رأى ما صار إليه الأمويون من سوء حال يؤذن بزوال دولتهم، ثم كانت خاتمة حياته في أيام المنصور عام ١٥٠ﻫ بعد أن استقر الأمر تمامًا له ولذويه دون أبناء عمومتهم العلويِّين.
لقد تأثر أبو حنيفة تأثرًا كبيرًا بهذه الأحداث التي نشأ فيها، وعاش بينها، وأسهم في بعضها؛ وأن يُعمل فيها فكره، وأن تكون عاملًا هامًّا في طبع تفكيره بطابع خاص، وفي توجيهه الوجهة التي اتجه إليها، وجعلته إمامًا من أئمة الفقه الإسلامي.